خطوة نحو الوعي المعلوماتي
تعتبر شبكة الإنترنت من أهم مخترعات هذا العصر، لما وفرته للبشرية من خدمات جليلة، وقد ظهرت بعد ثورة تكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات، ومرت بجيلين مختلفين، كان لكل منهما مظاهره وخصائصه، فالجيل الأول وهو ما يسمى بـ (الويب1) ظهرت فيه مواقع الإنترنت الثابتة أو الغير تفاعلية، وكان تفاعل الناس معها ضعيف لايذكر، ثم ظهر الجيل الثاني وهو ما يسمى بـ (الويب2) ظهرت فيه المواقع التفاعلية والتي تتيح للمتصفحين التفاعل بإضافة الردود والتعليقات بل وإنشاء المحتوى ونشره وطلب الخدمات وتقديمها، وتفاعل معها كثير من شرائح المجتمع.
أحدثت الإنترنت – وخاصة في جيلها الثاني – انفجاراً معرفياً هائلاً، وانفتاحاً عالمياً على شتى المعارف والعلوم، حتى أصبحت منجماً معلوماتياً لا يمكن تجاهله أبداً، إذ سهلت تناقل البيانات وتبادل المعلومات على مستوى العالم، متجاوزةً حدود الزمان والمكان، وتواجدت عليه الكثير من الجهات التي تعتبر مصادر موثوقة للمعلومات.
استطاعت الإنترنت جذب الكثير للاستفادة منها ومن خدماتها، وظهرت الحاجة لمنصات اجتماعية وبيئات إلكترونية تحتضن المتصفحين وتمكنهم من التواصل الإلكتروني، وتكوين مجتمعاتهم الإفتراضية، والتي تمنحهم مساحات حرة للتعبير، وإبداء وجهات النظر، وتبادل المعلومات، وإجراء النقاشات، فكان من تلك المنصات: المنتديات، المدونات، وأخيراً وهو أشهرها : الشبكات الاجتماعية.
وتعتبر الشبكات الاجتماعية من أشهر المنصات الاجتماعية، لتواجد نسبة كبيرة من أفراد المجتمع ومنظماته عليها، ولما لها من انتشار واسع وسريع في أوساط المجتمع، ولقدرتها الفائقة على تحقيق أهداف الأفراد والمؤسسات، وبناء الرأي العام، وتوجيه الفكر.
ولكن كما أن لها إيجابيات فلها سلبيات ومخاطر، ومن أهم وأخطر مشاكل الشبكات الاجتماعية نقص الوعي المعلوماتي عند كثير من مرتاديها، فتجد أحدهم لا يُقدِّر احتياجه من المعلومات، ولايملك مهارة الوصول للمصادر الموثوقة، ولا تقييمها وتمييزها، وبالتالي فلا يتعامل مع المعلومات بأنها ثروة غالية تستحق العناية والاهتمام، فهو يعيش حالةً من الفوضى المعلوماتية، دوره استقبال الكم الهائل من المعلومات الغير متجانسه ونشرها كذلك، فتواجده عشوائي لا هوية له، لا يبرز موهبة، ولا يرفع كفاءة، ولا يطور مهارة، ولايمثل قيمة مضافة له، بل مجرد تسلية وضياع وقت، ولربما فقد البوصلة وصار صيداً سهلاً للمتربصين.
لذا فمن أراد أن يستخدم الشبكات الاجتماعية استخداماً أمثل، يطور به نفسه، ويرفع كفاءته، ويوسع معرفته، ويحقق الدخل المادي من قنواته، فليتعامل مع هذه الثورة المعلوماتية بوعي، ويترك التذبذب والعشوائية، وأول خطوة له في المسار الصحيح أن يبحث عن ذاته، فيحدد نقطة قوته وإبداعه، والمجال الذي يستطيع من خلاله أن يستثمر فكره ومعرفته، ليكون عنصراً نافعاً لأمته ومجتمعه، فإذا تحدد مجاله، فليُكرِّس جهده واهتمامه في هذا المجال الذي حدده، وليجعله هوية واضحة له في قنواته ومنشوراته، فإنه إذا توجه إلى ما تميل إليه نفسه، فستكون له بصمة متميزة، وسيحقق أهدافه.
وبهذا يكون قد خطى خطواته الأولى في طريق الوعي المعلوماتي، وسيجد نفسه تلقائياً يبحث وينقب عن المعلومات الموثوقة لإثراء قنواته وإفادة متابعيه، ولأنه ينشر كمتخصص فسيحرص على النشر المنضبط، ولن يرضى بنشر معلومات مغلوطة حتى لايفقد مصداقيته.
هذه خطوة تتبعها خطوات وللحديث بقية إن يسر الله
ليست هناك تعليقات